السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشعار الذي ترونه في أعلى صفحتي بحروف مذهبة، المفروض أن يبين لكم حياة روح صاحبته.. لا أنكره فعندما كتبته كنت أؤمن به في أعمق أعماق عظمي، لكن الآن أشعر أنه شعار فارغ بتّ دهراً لم أتبعه. معظم الذين ينادون بإلغاء الشعارات المكتوبة والانتقال للعمل، يكونون واضعي شعارات مكتوبة أخرى، حيث أن “ألغوا الشعارات” بحد ذاته شعار فارغ من العمل. وأنا قد انغمست إلى قمة رأسي في حب الدنيا من جديد. ولم أفهم ذلك إلا هذا اليوم .. فليتمجد اسم الله ، وليأخذ بأيدينا نحو شعاراتنا القديمة الصحيحة. والحمد لله أن الطريق مفتوح أماميرغم كون هذا الشعار عتبة بابي .. لكن ….. العتبات قد تمتلئ بما يشوبها ونحتاج لتنظيفها …. هذا ما سأفعله تماما.. فقد أكسى الزمن شعاري هذا بطبقة سميكة من الغبار حتى أنني لم أعد أميز كلماته.
وقفات إلحادية لقلب مؤمن
يصل الإنسان لطريق مسدود . ينظر للوراء فيعيد في فكره الطرق التي أصبحت الآن أمامه (لو أنها طرق للرجعة، المهم ألا يقف في مكانه وإلا جرفته الرمال المتحركة).
-
۞ طريق الإلحاد .. وكيف لروحي أن تلحد وهي ترى في كل شيء على هذه الأرض الدنيئة عين الله.
-
۞ طريق الإيمان .. التصوف والعلو عن ماديات الحياة .. كيف وشيطاني يزداد قوة لا تستطيع روحي الوقوف في وجهه .. أو يمكن أن نقول .. حلم وردي، أمل واحة في صحراء بعيدة.
-
۞ الجمع بين الدين والدنيا … أشبع جسدي ليلاً باللذائذ، ثم أتوجه إلى الحمام لأسمح للماء بالسيل على هذا الجسد الحقير … أتوضأ وأرفع يدي منادية .. الله أكبر .. الله أكبر ….. لكن عقلي لا يترك مناعم الحياة على جنب حتى في هذه اللحظات.
كيف أعود لحلاوة العبادة الحقّة ؟ ولم لا أستطيع أن أعود ؟ أين كانت نقطة التحول ومتى فقدت إيماني ؟ أي طريق أسلك الآن إلى قلب الله وهل سيسامحني .. من بعد ما توسلت إليه راكعة أن يرحمني ويغفر ذنبي، فغفره وأنعم علي بالإيمان والقناعة، ثم نقضت عهده فعدت للحياة ؟ “الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه” ؟
هل الشيطان يهرب من الغرفة التي يُصَلَّى بها .. واقعاً ؟ أم أنه يهرب منها في خيالنا فقط ؟
وينساب برفق حوار من الذاكرة :
- أنتِ تؤمنين، لكن هل تضمنين 100% أن ما تؤمنين به سيتحقق ؟
- نعم.
- أين الدليل ؟ إنها مقامرة بحتة !!؟
- حسناً، أن أقامر بحريتي التامة في الدنيا وأحصل بالأخير على الخلود الجميل، خير لي من أن أقامر بالخلود في سبيل سعادة الدنيا.
قد تعودتُ على اختراع كذب وآمال لنفسي، أصدقها وأعيش به، .. لكن بدونها ليس للواقع من طعم .. يبدو شفافاً كئيباً يُضَيّعُ ألوان الأشياء الأخرى، فلِتُلَوّن الآمال الجميلة نفسي.. فنحن نبقى .. بشراً والأمل غذاء روحنا.
أيها الناس ألقوني في جبل بعيد وحيدة .. لا أخشى الوحوش ولا الأشرار.
أيها الناس ابتعدوا عني .. فأنا أريد أن أتصوف قد مللتكم.
أيها الناس .. أيها القريبون والأصدقاء .. فاذهبوا بعيداً لأشتاقكم.
أنتم تلهونني عن التوازن الروحي .. ماذا أفعل إن كانت روحي لا تؤمن إلا بأقصى اليمين وأقصى اليسار ؟
فإن عشت بينكم دائماً مللتكم .. وإن عشت وحدي احتجتكم. كما أشتاق الله كوني بينكم وأحتاج المرح كوني وحيدة.
لم أعثر على الوسط الذهبي الذي يجمع كل شيء …. ؟
هذا حديثي الآن .. أحدثكم به، لا أتحمل مسؤوليته بعد برهة من الزمن … فقد أغير مفاهيمي، قد أغير فكري وأتقلب كما اعتدت. لكنني الآن .. أترككم لأبحث عن نور الله الذي تأخرت عنه .
كُتِبَتْ في 6 مارس 2006