وأحس بها لصيقة به، أنفاسها تلفح وجهه وتفوح في جسده نشوة غامرة، فاستراح على صدرها مستسلما بتلذذ للدفء العذب المنبعث منها، والذي كان يتسرب برفق إلى خلاياه وعروقه.. أحبكِ، همست شفتاه.. أحبكِ، واخضلت عيناه حنانا.. أحبكِ، وتملكته رغبة جامحة في عناقها.. أرسل ذراعيه مباعدا بينهما، ثم طرحهما عليها بحركة انفعالية.. ارتعشت، تأودت، ثم استسلمت له.. فراح يزرع قبلاته العاشقة على وجهها.. أحس بها تذوب رويدا رويدا أمام دفق عواطفه.. ثم أحس أنه يذوب هو أيضا.
استسلم لذوبانه بانفعال وادع.. ثم اختلط بها، صارت خلاياهما واحدة، صارا كلا واحدا، فاتحدت على شفاههما ابتسامة شفافة رائعة.
حين طلعت شمس ذلك الصباح، تجمع الأصحاب حول جسد يعانق الأرض بعد أن أعطى دمه لترابها، ولاح للأعين المحدقة بهما أنهما يعلنان شيئا واحدا، عميقا جدا، ومؤثرا جدا، يحسه كل من يراهما، ولكن أبدا لا يستطيع تفسيره.
بقلم : محمد توفيق الصواف